رسالة النبي ﷺ إلى كسرى



أرسل النبي ﷺ عبدالله بن حذافة السهمي -رضي الله عنه- إلى كسرى ملك الفرس. 


فجهز عبد الله بن حذافة راحلته، وودع صاحبته وولده، ومضى إلى غايته ترفعه النجاد- المرتفعات - وتحطه الوهاد-المنخفضات-؛ وحيدًا فريدًا ليس معه إلا الله، حتى بلغ ديار فارس، فاستأذن بالدخول على ملكه، وأخطر الحاشية بالرسالة التي يحملها له، عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزين، ودعا عظماء فارس لحضور مجلسه فحضروا، ثم أذن لعبد الله بن حذافة بالدخول عليه. 

دخل عبد الله بن حذافة على سيد فارس مرتديًا شملته الرقيقة، مرتديًا عباءته الصفيقة، عليه بساطة الأعراب، لكنه كان عالي الهامة، مشدود القامة تتأجج بين جوانحه عزة الإسلام، وتتوقد في فؤاده كبرياء الإيمان، فما إن رآه كسرى مقبلاً حتى أومأ إلى أحد رجاله بأن يأخذ الكتاب من يده فقال: إنما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدفعه لك يدًا بيد وأنا لا أخالف أمرًا لرسول الله، فقال كسرى لرجاله: اتركوه يدنو مني. 

فدنا من كسرى حتى ناوله الكتاب بيده، ثم دعا كسرى كاتبًا عربيًّا من أهل الحيرة وأمره أن يفض الكتاب بين يديه، وأن يقرأه عليه فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى..". 

فما أن سمع كسرى من الرسالة هذا المقدار حتى اشتعلت نار الغضب في صدره، فاحمرَّ وجهه، وانتفخت أوداجه لأنَّ الرسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بنفسه، فجذب الرسالة من يد كاتبه وجعل يمزقها دون أن يعلم ما فيها وهو يصيح: أيكتب لي بهذا، وهو عبدي؟!! ثم أمر بعبد الله بن حذافة أن يخرج من مجلسه فأُخرج. 

خرج عبد الله بن حذافة من مجلس كسرى وهو لا يدري ما يفعل الله له، أيُقتل أم يُترك حرًّا طليقًا؟ لكنه ما لبث أن قال: والله ما أبالي على أي حال أكون بعد أن أديت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وركب راحلته وانطلق, ولما سكت عن كسرى الغضب، أمر بأن يدخل عليه عبد الله فلم يوجد.
فلما قدم عبد الله على النبي الله صلى الله عليه وسلم أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب، فما زاد عليه الصلاة والسلام على أن قال: "مزَّق الله ملكه". 

في المقال التالي سنعرض كيف مزق الله ملك كسرى بدعوة النبي ﷺ 
المصادر/ كتاب الإصابة في تمييز الصحابة+ كتاب صور من حياة الصحابة ١-٧. 

لشراء كتاب صور من حياة الصحابة المجلد الأول اضغط ( هنا ) 
لشراء كتاب صور من حياة الصحابة المجلد الثاني اضغط ( هنا ) 

لشراء كتاب الإصابة في تمييز الصحابة اضغط ( هنا )

تعليقات