ثورة العبيد والزنج



كما هو معتاد على أصحاب الأهواء والفتن أنهم يستخدمون الشعارات الدينية التي يتعاطف معها الناس؛ لكي يكسبوا حظوة حقيرة مشروعة  في أعين الناس من منصب أو شرف أو مال أو جاه. ولو كان ذلك على حساب دينهم وآخرتهم. 

ومن تلك الشعارات التي استخدمت ومازالت تستخدم إلى اليوم هي "حب آل البيت". فهم يستخدمون هذا الشعار لإثبات أنهم على حق. 

في سنة 255هـ ظهر رجل بظاهر البصرة زعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولم يكن صادقًا بل كان أجيرًا واسمه علي بن محمد بن عبد الرحيم، وأصله فارسي من قرية من قرى منطقة الريّ. 


أخذ هذا الرجل في دعوة الزنج العبيد الذين كانوا يكسحون السباخ بالبصرة، وكلّمهم عن الحرية والعدل والمساواة وتوزيع الأموال بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلامًا أشبه ما يكون بكلام الشيوعيين والاشتراكيين الآن، مع الفارق أنه كان يستخدم دعواه الكاذبة لآل البيت. 

فالتف عليه جماعة من الزنج وجهلة الناس، وعَبَر بهم دجلة ولم يكن عددهم كبيرًا إنما كانوا لا يزالون قلة، ففكّر في كيفية توسيع قاعدته. 


انتقل هذا الكاذب  إلى بغداد ليدعو الشيعة  لثورته، وقال لأصحابه: "إنني أحفظ سورًا من القرآن في ساعة واحدة جرى بها لساني من غير أن يحفظها لي أحد". وزعم لهم أنه يعلم ما في ضمائرهم، وأن الله يُطلعه على ذلك، فراج أمره في بغداد على الجهلة، فكثر جمعُه، فعاد بهم إلى أرض البصرة وأخذ في الاصطدام مع "والي" البصرة العباسي.



وانتصر عليه عدة مرات، وهُزم هو عدة مرات، ولكنه كان قويّ العزيمة ثابت الرأي. وحتى يستميل الناس إليه لم يكن يتعرض لأموال الناس، ولا يؤذي أحدًا، وإنما يأخذ مال السلطان، فقَوِي شأنه واستفحل أمره. 


كان مع هذا الكذاب شيطان من الجن يأتيه بالأخبار ويخاطبه بما وقع، فقام في أتباعه وقال لهم محرضًا على الهجوم على البصرة: "دعوت الله على أهل البصرة فخوطبت إنما أهل البصرة خبزة لك تأكلها من جوانبها، فإذا انكسر نصف الرغيف خربت، فأوّلت الرغيف القمر وانكساره انكسافه.. ..ورفعت البصرة لي بين السماء والأرض ورأيت أهلها يُقتلون، ورأيت الملائكة تقاتل معي وتثبت جيوشي". وجاء كما نقل له شيطانه من الأخبار كما قال لأصحابه، فانكسفت الشمس ليلة 14 شوال سنة 257هـ بالبصرة، فحميت نفوس أتباعه الجهلة الزنج، وظنوا أنهم على الحق. 

هجم الكذاب ومن تبعه من الجُهّال على مدينة البصرة يوم 14 شوال سنة 257هـ، فدمروا المدينة تدميرًا كاملاً، وأحرقوا جامعها وقتل من فيها من الرجال والعلماء والأعيان، وهرب والي المدينة ومن معه وتركوا أهل المدينة لمصيرهم المحتوم، ونادى أحد أمراء هذا الكذاب في أهل المدينة: "من أراد الأمان فليحضر". 


فاجتمع عنده خلق كثير من أهل البصرة، فغدر بهم المجرم وأمر بقتلهم جميعًا، وكانت الزنج تحيط بجماعة من أهل البصرة ثم يقول بعضهم لبعض: "كيلوا"، وهي الإشارة بينهم إلى القتل، فيحملون عليهم بالسيوف فلا يُسمع إلا قول "أشهد أن لا إله إلا الله" من أولئك المقتولين، وصراخ وضحك الزنج عند ضربهم للناس بالسيوف. 


وظلوا يفعلون ذلك بالبصرة عدة أيام، وحرقوا الزروع والكلأ من الجبل إلى الجبل، فكانت النار تحرق ما وجدت من إنسان وحيوان لزروع وبيوت، وقُتل في هذه الواقعة عشرات آلاف من المسلمين. 

واستمرت ثورة الزنج على الخلافة العباسية بقيادة الفارسي علي بن عبدالرحيم لقرابة ٢٠ سنة. وقتل فيها من الطرفين خلق كثير. وانتهت بمقتل علي بن عبدالرحيم. وعلق رأسه في قناة ليرى الناس صحة مقتله. 

ملاحظة مهمة/ كانت الدولة العباسية قبل قيام ثورة الزنج تعاني من ضعف شديد. وتسلط الأتراك على الحكم. وكان هناك ظلم وجور في المجتمع، وكانت الأوضاع الاقتصادية متدهورة. وكانت أسوأ طبقة اقتصاديا في المجتمع العباسي في ذلك الوقت هم العبيد. فلذلك هم أول من ثار وأول من وجد في ذلك الفارسي ضالتهم لتغيير وضعهم البائس اقتصاديا واجتماعيا. 

فاستغل ذلك الفارسي أوضاعهم المزرية لصالحه خصوصا عندما زعم لهم أنه من آل البيت. 

المصادر/ كتاب أطلس الدولة العباسية+ موقع قصة الإسلام. 




#حكم#أقوال#فوائد#كتب#ادب#لغة_عربية#عرب#فلسطين#اسلام#بغداد#الاندلس#ثقافة#معلومات#الصين#ثقافة #ثقافة_عامة #علم #فوائد #فائدة #نهضة #همه #السعودية #الامارات#عمان #الكويت #بغداد





#حكم#أقوال#فوائد#كتب#ادب#لغة_عربية#عرب#فلسطين#اسلام#بغداد#الاندلس#ثقافة#معلومات#الصين#ثقافة #ثقافة_عامة #علم #فوائد #فائدة #نهضة #همه #السعودية #الامارات#عمان #الكويت

تعليقات