حقبة الاستعمار الأوربي



 عندما نقرأ عن قصة الهجمةالاستعمارية على العالم الإسلامي في عصرنا الحديث، سنجد أنَّ بداياتها تعود إلى أوائل القرن السادس عشر، وبالتحديد عندما سيطرت البرتغال على الشواطئ الغربية للهند، واستطاعت الانفراد بخطوط الملاحة العالمية المؤدية إلى الهند طوال هذا القرن، ولكن السيطرة البرتغالية بدأت تنهار تحت ضربات بريطانيا وفرنسا الهادفة لكسر هذا الاحتكار البرتغالي لخطوط الملاحة البحرية إلى الهند. 

كما استغلت بريطانيا العداء بين الهندوس والمسلمين، والمشاحنات بين الإمارات الإسلامية لكي توجِّه ضربة قاصمة إلى سراج الدولة (نائب الإمبراطور في إقليم البنغال) عام 1757م، ثم تلتها بضربة ثانية إلى الإمبراطور المغولي نفسه عام 1764م استولت بريطانيا بعدها على البنغال، 

ثم قامت بتوجيه ضربة ثالثة قاضية إلى ملك ميسور المسلم عام 1798م بعد أن كشفت تحالفه ضدها مع فرنسا، ثم أخذت بريطانيا في التوسُّع السريع في الهند مستغلة قوتها العسكرية في القضاء على أي مقاومة؛ حيث استطاعت أن تخمد ثورة شعبية كانت تطالب بعودة الإمبراطورية المغولية الإسلامية التي كانت رمز التسامح بين المسلمين والهندوس، واستطاعت بريطانيا في النهاية أن تفرض رسميًّا الحكم البريطاني على الهند في عام 1857م. 

وفي تلك الأثناء كانت الدولة العثمانية في أوج ضعفها، مما جعل الأعداء يطمعون في أراضي "الدولة العجوز" كما كان يسمي البعض الدولة العثمانية في ذلك الوقت. فتعرض العثمانيون لسلسلة شرسة من الهجمات الداخلية والخارجية من عدة دول وهي، فرنسا، روسيا، بريطانيا. ومن الداخل ثارت اليونان وصربيا واستقلت عن العثمانيين. 



في عام 1878م أنشئت الجمعية الألمانية للدراسات الإفريقية في مدينة برلين، وبدأ المستكشفون الألمان يعملون في المنطقة الواقعة بين زنجبار وتنجانيقا، وتكاتفت الجهود الألمانية بغرض إنشاء مستعمرات لهم في القارة الإفريقية، هذا في الوقت الذي عارض فيه بسمارك هذا الاتجاه خوفًا من التورُّط في المشكلات الدولية، 

ولكن أمام التيار الجارف نحو الاستعمار أعلن بسمارك عن سياسته الجديدة، وفي غضون عام واحد كوَّن أربع مستعمرات في القارة الإفريقية في الفترة من إبريل عام 1884م حتى يوليو عام 1885م، وشملت هذه المستعمرات كلاًّ من تنجانيقا في شرق القارة، والكاميرون وتوجو في الغرب، ومنطقة جنوب غرب إفريقيا (ناميبيا حاليًا). 

لم تسكت بريطانيا على توسع الألمان فتحركت بريطانيا في جنوب القارة الإفريقية ودخلت في صراعات مع الألمان في شرق القارة، وفي صراعات مع الفرنسيين في غربها. 

أمًّا في عالمنا العربي فقد استطاعت بريطانيا عام 1820م -وبعد ممارسة ضغوط عديدة- أن تعقد اتفاقيات مع رؤساء القبائل الساحلية في منطقة الخليج العربي، وبالتحديد في المناطق الواقعة بين قطر وحدود سلطنة عمان، وقد أصبحت هذه الاتفاقيات دعامة للنفوذ البريطاني في هذه المنطقة التي أصبحت تُعرف منذ ذلك الحين باسم الساحل المهادن وفي هذه الأثناء لم تسلم الدول الإسلامية في شمال قارة إفريقيا، حيث كانت تجابه الغزو الاستعماري الفرنسي. 

تعرضت الجزائر للغزو الفرنسي في عام 1830م، ويعود الطمع الفرنسي في الجزائر إلى عهد نابليون، حيث كان يعتبر الجزائر سوقًا خارجية ضرورية لتطوير الصناعة الفرنسية؛ ولذلك قررت فرنسا احتلال الجزائر ولم يبقَ أمامها إلاَّ الذريعة المناسبة للغزو. ووجدت فرنسا ضالتها عندما عجزت فرنسا عن سداد دينها للجزائر، 

وحدثت بينهما تجاذبات ثُمَّ منازعات، وفي إحدى هذه المنازعات قام حسين باشا والي الجزائر بضرب القنصل الفرنسي بمروحة كانت في يده، واتخذت فرنسا هذا الحادث التافه مبرِّرًا لاحتلال الجزائر. ومن ثَمَّ فرضت فرنسا الحصار على ميناء الجزائر في شهر يونيو 1827م والذي استمر حتى عام 1830م، 

حيث تم اجتياح الجزائر عسكريًّا بقُرابة ستين ألفًا من الجنود الفرنسيين، ودارت معركة غير متكافئة انتهت بتوقيع حسين باشا وثيقة استسلامه. وفي صباح يوم 5 من يوليو 1830م دخلت القوات الفرنسية إلى مدينة الجزائر، وقد استغرق إخضاع كافَّة المدن الجزائرية أربعين عامًا كاملة؛ بسبب مقاومة الشعب الجزائري الباسلة. 



هبَّت المغرب لنصرة الجزائر بعد وقوعها في براثن الاحتلال الفرنسي، وقد كانت الدولة المغربية في هذه الفترة وحتى منتصف القرن التاسع عشر دولة قوية ومُهابة، وذلك على الرغم من عدم تمكُّنها من تخليص مدينتيها سبتة ومليلة من يد الاحتلال الإسباني، فإنَّ الدولة المغربية هي الدولة العربية الوحيدة التي لم تنضوِ تحت راية الخلافة العثمانية، ورغم ذلك استمرت المغرب في مساندة المقاومة الجزائرية بعد أن عجز الجيش العثماني عن حمايتها.


وبالطبع لم تكن المساعدات المغربية خافية عن المستعمر الفرنسي الذي اقتنص هذه الفرصة وكشف عن أغراضه الاستعمارية تجاه المغرب، فأقدمت فرنسا على التعجيل بغزو المغرب بحجة إيقاف الإمدادات التي تصل منها إلى الجزائريين فتعينهم على التمرد والمقاومة. وبالفعل استطاع الجيش الفرنسي أن يضع قدمه في المغرب بعد انتصاره على جيشها في معركة وادي إيسلي في 14 من أغسطس 1844م، وأُرغمت المغرب على الدخول في معاهدة حماية مع فرنسا. 

لم تكتفِ بريطانيا بذلك بل عملت على توسيع نفوذها في منطقة الخليج العربي؛ ففي عام 1861م فرضت بريطانيا على إمارة البحرين الدخول في هذه الاتفاقية، ثم وضعتها تحت الحماية وأصبحت صاحبة التصرف في شئونها الداخلية وسياستها الخارجية.


أمَّا سلطنة مسقط أو عُمَان -التي كانت إمبراطورية من أهم الإمبراطوريات الشرقية أثناء العقدين الرابع والخامس من القرن التاسع عشر، وتسيطر على الساحل الإفريقي من ميناء (لامو) في الشمال إلى ميناء (كيلوه) في الجنوب- فقد انقسمت في عام 1861م إلى سلطنتين هما: مسقط وزنجبار؛ كنتيجة مباشرة للتدخل البريطاني الذي نجح في النهاية من فرض الحماية البريطانية على مسقط.

المصادر/ كتاب الهجمة الاستعمارية للعالم العربي لأحمد رمضان. هذه السلسلة جزء منها منقول من موقع قصة الإسلام. بإشراف الدكتور والمؤرخ راغب السرجاني  

#حكم#أقوال#فوائد#كتب#ادب#لغة_عربية#عرب#فلسطين#اسلام#بغداد#الاندلس#ثقافة#معلومات#الصين#ثقافة #ثقافة_عامة #علم #فوائد #فائدة #نهضة #همه #السعودية #الامارات#عمان #الكويت #بغداد

تعليقات