قصة مضاض الجرهمي



في مكة المكرمة نرجع إلى ما قبل الإسلام في عصر الجاهلية. كان يحكم مكة قبيلة جرهم العربية وكانت تلك القبيلة هي من تهتم بالكعبة وبسدنتها وسقايتها. -

في ذلك العصر يحكى أن هناك فتى يدعى مضاض الجرهمي ضُرب به المثل في الجمال والوسامة، وبالإضافة إلى جماله الآخاذ كان أميرا شريفا من جرهم. أحب مضاض ابنة عمه مي الجرهمية وكانت مي لا تقل جمالا وشرفا عن مضاض، وكانت تشاطره نفس الحب الذي يكنه لها. فرح والدا الحبيبين لهذا الحب وتقرر موعد زواجهما بعد شهر رجب. 


على الصعيد الآخر كانت هناك امرأة أحبت مضاض وأرادت أن تشعل الخلاف بين مضاض ومي. فقامت بحيلة خبيثة.  فبينما كان مضاض يطوف بالبيت في شهر رجب إذا بتلك المرأة تتظاهر بالعطش وتلقي بنفسها على مضاض. وطلبت منه أن يسقيها الماء ففعل ذلك مضاض وأروى عطش تلك المرأة المحتالة. 

شاهدت مي ما فعل مضاض بتلك المرأة فاشتعل قلبها غيرة وسقطت مغشيا عليها. وبعد إفاقتها رجعت إلى أبيها وأخبرته بما فعل مضاض. وفي تلك الأثناء جاء رجل يدعى قبيس إلى مي وقال لها: إني سمعت مضاضا يقول شعرا في تلك المرأة وكذلك رأيت تلك المرأة تقول شعرا في مضاض. فثارت ثائرة مي وأقسمت على أبيها أن يذهب بها إلى ديار أخوالها وألا ترى مكة و مضاض أبدا. 



فلحق مضاض بقافلة مي وقال لها:

علام قبست النار أم غالب
بنار قبيس حين هاجتك ناره
على كبد حرى وأنت عليمة
بغيب رفيق لا يبين ضماره
سألتك بالرحمن لاتجمعي هوى
عليه وهجرانا، وحبك جاره


فولت وقالت له وهي غاضبة:

أبي حسبي من أن يهان وإن يكن
وقد قدحت فيه العداة ذليلا
فلما تساوى الحب والأمر مقبل
عدلت ولم تظهر إليّ جميلاً
رأيت مكاني حين وليت معرضا
إلى حسب البهلول كان قليلاً -

فأقسم مضاض على نفسه ألا يشرب الماء وتوفي ظمأ في الصحراء وهو في طريق عودته. وبعد أن تبين لمي أن مضاضا كان مظلوما. أصابها الجنون وخرجت للصحراء تنظر يمينا وشمالا لعلها تجد مضاض ثم أقسمت ألا تشرب الماء وتوفيت ظمأ وأوصت أن تدفن مع مضاض. 



المصدر / كتاب الكلمة الأخيرة

تعليقات