جحا بين الذكاء والغباء


جحا الإنسان الذي أضحك الملايين بنوادره الطريفة وأخباره العجيبة التي تناقلتها الألسن على مر العصور، أصبح اليوم في ذاكرة الناس مجرد شخصية خرافيّة، إلا أن المعاجم وكتب التراجم والأدب ورجال الحديث تبين لنا أن جُحا شخصية حقيقيّة لها تاريخها العريق، وماضيها المشرق الذي غَفِل عنه الأكثرون؛ نتيجة ما نُسِب إليه من النوادر والطرائف التي كرّسته رمزًا للحماقة والتغفيل. 

قبل البَدء تجدر الإشارة إلى أنّ هناك شخصيتين حملتا هذا الاسم الأوّل اختلفت المصادر بشأن اسمه، فقد قيل: نوح أو عبد الله أو دُجين أبو الغصن بن ثابت اليربوعي البصري، ولقبه (جُحا) أو (جُحى)، وكنيته أبو الغصن ينتهي نسبه إلى قبيلة فزازة العربية. أوّل من ذكره الجاحظ حين أَورد في كتابه "القول في البغال" نوادر بطلها جُحا دون أن يذكر تعريفا مفصلا به. 

ولد جُحا في النصف الثاني من القرن الأوّل الهجري (60هـ)، وقضى الشطر الأكبر من حياته في الكوفة، توفي فيها في خلافة أبي جعفر المنصور عام (160هـ). قال عنه الإمام الذهبي: "أبو الغصن صاحب النوادر دُجين بنُ ثابت اليربوعيُّ البصريُّ، رأى دُجين أنسًا، وروى عن أسلم، وهشام بنِ عُروة شيئًا يسيرًا... قال عبّاد بن صهيب: حدّثنا أبو الغصن جُحا -وما رأيت أعقل منه- قال كاتبه: لعلّه كان يمزح أيام الشبيبة، فلمّا شاخ، أقبل على شأنه، وأخذ عنه المحدِّثون".

وهناك شخصية (جحا) التركي فهو نصر الدين خُوجة المعروف بجُحا. فقد كان معلّمًا وفقيهًا وقاضيًا، ولد في قرية صغيرة تدعى خورتوعام 605هـ، وتلقّى علومه فيها، ووليَ القضاء في بعض النواحي المتاخمة لها، كما ولي الخطابة وعُيّن مدرِّسًا وإمامًا في بعض المدن. وكان عفيفًا زاهدًا يحْرث الأرض ويحتطب بيده، كما كانت داره محطة للوافدين من الغرباء والفلاحين. 

الخلاصة/ أن كلا من الشخصيتين كانتا على قدر عال من الذكاء والتقوى والورع ولم يكونا أحمقين من الحمقى. وليس هناك تعارض بين ذكاء الإنسان وبين فكاهته وروح الدعابة لديه. بل الفكاهة ربما تدل على ذكاء الإنسان لأنه بذلك يعرف كيف يضع التعليق المناسب في وقته ومكانه المناسب له. 

مصادر/ كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي+ كتاب القول في البغال+ موقع قصة الإسلام. 
لشراء كتاب سير أعلام النبلاء وسيصل لباب بيتك اضغط ( هنا )

هل كنت تعلم ذلك عن جحا ؟

تعليقات