سدوم المدينة المشؤومة


قصة قوم لوط: ومن لا يعلم قصة أولئك الفساق الذين طغت سكرة شهوتهم على فطرتهم السليمة. وإن مما يدعو إلى ذكر هذه القصة المعروفة، أن نتفكر في سنن الله الكونية في الأقوام الفجرة الذين شرعنوا تلك الفعلة القبيحة، وحماها قانونهم الوضيع. ولذلك فإن ذكر هذه القصص القرآنية هي بمثابة تحذير صريح من الله بألا ترتكب البشرية مثل تلك الأمم الهالكة، لئلا يصيبها ما أصابهم.

في مدينة سدوم المشؤومة وبالتحديد في غور زُغر بالقرب من البحر الميت، -في الأردن حاليا-، شاع في تلك المدينة فاحشة لم يسبق لأمة أن فعلتها، وهي إتيان الذكران دون النساء.

بل وصل بهم الأمر إلى قطع الطريق على المسافرين وفعل الفاحشة بهم، ولا يراعون حرمتهم، وكانوا يعلنون بذلك نهارا جهارا.

هاجر لوط عليه السلام مع أهله إلى سدوم، وعلم فجور وخبث أولئك القوم، فبدأ يدعوهم إلى الله وإلى ترك ماهم عليه من إتيان الذكران، قال تعالى مخبرا عن ماقاله لوط: "أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ".



تمادوا في غيهم وفجورهم وكذبوا نبيهم، وقالوا "أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون". فكانت طهارة لوط هي سبب كره قومه له. جاءت الملائكة"جبريل، ميكائيل، إسرافيل"، في صورة شباب حِسان إلى لوط وطلبوا منه أن يستضيفهم عنده، فلم يعلم لوط أنهم من الملائكة، وخاف عليهم من قومه الفجار لما هم عليه من الحسن والجمال. فاستضافهم عنده.

فأخذ لوط يحدث الملائكة وقال "والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء ، ثم مشى قليلا ، ثم أعاد ذلك عليهم حتى كرره أربع مرات".

فخرجت إمرأة لوط وحدثت قومه قائلة لهم "إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط"فجاءه قومه، مسرعين إليه، وأخذوا يطرقون باب بيته، طلبا لأولئك الشبان الذين في بيته، فأخذ لوط يعظهم ويذكرهم بتقوى الله ويعظهم، لكن سكرة الشهوة أعمتهم، فقالت الملائكة: " يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك "، وخرج جبريل فطمس أعينهم فرجعوا خائبين وقد عمت أبصارهم. وقالوا: إذا كان الغد كان لنا وله شأن.

قالت الملائكة للوط: أسر بأهلك بآخر الليل، ولا يلتفت منكم أحد عند سماع صوت العذاب، ولا تصحب إمرأتك لأنه مصيبها ما أصابهم، وقال بعض المفسرين أنها ستلتفت حينما تسمع صوت العذاب فيحل بها.

خرج لوط بأهله آخر الليل وسار حتى خرج من تلك البلاد مع شروق الشمس وحل العذاب بقومه.

حيث حلت بهم الصيحة ثم اقتلع جبريل بطرف جناحه قراهم ، وكن سبع مدن بمن فيهن من الأمم يقال : إنهم كانوا أربعمائة ألف نسمة . وقيل : أربعة آلاف ألف نسمة . وما معهم من الحيوانات ، وما يتبع تلك المدن من الأراضي والأماكن والمعتملات ، فرفع الجميع حتى بلغ بهن عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم ، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها . ثم أتبعها الله بحجارة صلبة قوية متتابعة السقوط، ومكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يهبط عليه فيدمغه ويهلكه.

ختاما: حل بإمرأة لوط العذاب لأنها كانت بلغة العصر "متفتحة ومتقبلة لوجهات نظر قومها ومحترمة لحقوقهم". ولم تفعل تلك الفاحشة باتفاق أهل العلم. ومع ذلك حل بها ما حل بقومها.

المصادر: القرآن الكريم، تفسير ابن كثير، البداية والنهاية.

لشراء كتاب البداية والنهاية وسيصل لباب منزلك اضغط ( هنا )



تعليقات