علم الفراسة والمتفرسين


يقسم ابن الأثير علم الفِراسة إلى قسمين: الأول: هو ما يوقعه الله تعالى في قلوب أوليائه؛ فيعلمون أحوال بعض الناس بنوع من الكرامات وإصابة الظن والحدس. 

الثاني: نوع يتعلم ويكتسب بالدلائل والتجارب والخلق والأخلاق فتعرف به أحوال الناس وطبائعهم. 

فأما القسم الأول: فإنه كلما قوي إيمان العبد وقربه من الله جل وعلا، كانت فِراسته لا تخطئ، ولذلك كان أعظم الناس فراسة أبو بكر الصديق رضي الله عنه. حتى قيل أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر حين استخلف عمر بعده، وعزيز مصر حين قال لإمرأته عن يوسف "أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا"، وإحدى الفتاتين التي قالت عن موسى "يا أبتِ إستأجره ". 

كما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أعظم الناس فِراسة بعد أبي بكر، وقد أجرى الله على لسانه الحق، وكان لا يقول على شيء أظنه كذا إلا أصاب في ظنه، ومما يذكر عن فراسته، أنه بينما هو جالس يوما إذ مر به رجل غريب بالمدينة، فقال عمر عن الرجل الغريب: "لقد أخطأ ظني أو إن هذا على دينه في الجاهلية أو لقد كان كاهنهم". وبالفعل كان ذلك الرجل كاهنا في الجاهلية ثم أسلم. 

أما القسم الثاني: فإنه علم يكتسب بالتعلم والممارسة ومخالطة الناس، وقد ألف العلماء في هذا القسم مؤلفات كثيرة. 

وهذا العلم يستدل بطريقة خلقة الإنسان وبصفاته الجسمانية وشكله وملامحه على طبعه وخلقه، فمثلا صغر الرأس يدل قلة ذكاء الشخص، وضخامة الجسم تدل على شجاعة الشخص، إلى غير ذلك من الأوصاف. 

وهنا ملاحظة مهمة جدا/ وهو أن القسم الثاني هو علم قد يصيب وقد يخطئ، وهو مبني على استنتاجات عقلية فليس بالضرورة أن يصيب هذا العلم دائما، فكم رأينا من شخص جبان رعديد ولكنه ضخم الجثة، وكم رأينا من داهية عبقري رأسه لا يُرى من صغره. 

سؤال إثرائي/ هل صفات الشخص الجسمية تدل على أموره وأخلاقه وطبائعه الداخلية؟ ادعم وجهة نظرك بمثال يثبت ما تقوله. 

المصادر: كتاب علم الفراسة للرازي، كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري. 

تعليقات